أدّت ثورة الإتصالات والمعلومات في عصر التطورات المتلاحقة إلى ظهور تغيرات جوهرية في الإقتصاد، فظهر الإقتصاد الرقمي الذي يعتمد على تقنية المعلومات والإتصال، وقد أصبح هذا الإقتصاد سمة من أهم سمات إقتصاديات العالم الذي يشهد تغيرات متسارعة و مستمرة خاصة بعد انتشار جائحة كورونا “كوفيد 19”
و أحد المحركات الأساسية هو التحول الرقمي الذي لا يتعلق بجوهره فقط بشبكة الأنترنت و إنما باستخدام احدث التقنيات للحصول على أفضل النتائج.
إن إندماج أي مشروع أي كان حجمه في الاقتصاد الرقمي يتوقف على مجموعة من الأسس الواجب توفرها في هذا المشروع ، وفي نفس الوقت تعتبر مؤشرات من خلالها يمكن الحكم على مدى جاهزية المشروع في حد ذاته للدخول في الإقتصاد الرقمي ، و من هم هذه المؤشرات نجد :
- البنية التحتية للإتصالات والمعلوماتية والجاهزية الرقمية و التي تتضمن تقنيات الإتصال و الجاهزية الرقمية ، الاتصالات السلكية و اللاسلكية ، و مؤشر “عدد مستخدمي الإنترنت”، والذي يعكس مدى جاهزية المشروع للإقتصاد الرقمي،
- توظيف المعلوماتية: و التي تتجلى بوضع أسس لتشغيل المشروع وفق النظم الإلكترونية الحديثة في ظل المنافسة الشديدة التي يشهدها قطاع المشاريع والأعمال سواءا محليا، اقليميا أو دوليا.
- التجارة الالكترونية و التسويق الالكتروني : سواءا كان التسويق الالكتروني الساكن و الذي يكتفي بعملية العرض و الطلب فقط ،أو التسويق الالكتروني الكامل عبر اكمال دورة التسويق الالكتروني كاملة الى وصول المنتج للعميل.
هنا تتجلى أهمية الاقتصاد الرقمي في تحقيق الإزدهار لرواد الأعمال و المشاريع و تجدر الإشارة إلى أن الاقتصاد الرقمي يتداخل بشكل متزايد مع الاقتصاد التقليدي ، حيث يعتمد على الترابط بين الأشخاص و المؤسسات و الآلات التي تنتج عن الانترنت و تكنولوجيا الهاتف الذكي و الانترنت.
و من أجل انجاح عملية التداخل بين الاقتصاد الرقمي و الاقتصاد التقليدي خصوصا مع الأزمة الحالية التي يشهدها العالم و التي ألقت بظلالها على المشاريع بمختلف أحجامها يجب التركيز على اربعة مجالات أساسية و هي :
- شبكات الانترنت: يساهم الدمج بين العالم المادي و الرقمي لأي مشروع في جذب الأصول إلى المجال الرقمي حيث تهيمن البرمجيات، فعندما يتمكن صاحب المشروع من معرفة قيمة أصوله المادية و الرقمية في أي لحظة ، سيتمكن من العمل بدقة مما يمهد الطريق غلى التحول الرقمي الكامل.
- شبكات التوريد الرقمية: إن تحويل المشاريع إلى نظام رقمي يؤدي الى إنشاء شبكات رقمية ذكية جديدة ستغير جذريا من طريقة إدارة المشروع و تحسينه و مشاركته و نشره في ظل الإجراءات الجديدة التي فرضتها جائحة كورونا ” كوفيد 19″.
- تجارب العملاء : يتيح الاقتصاد الرقمي الفرصة للتعرف على تجارب العملاء من رواد الأعمال و المشاريع و المستهلكين على حد سواء أينما كانوا و متى يريدون و بطريقة أكثر ملاءمة لهم.
- مستقبل الأعمال و المشاريع: من المعروف في الاقتصاد التقليدي أن أصحاب المشاريع و الموظفين يتوجهون إلى مكاتبهم يوميا لممارسة الأنشطة المختلفة من إدارة و تسويق و مالية و محاسبة ..لكن في الاقتصاد الرقمي يمكنهم العمل من أي مكان ( المنزل ، المقهى ، المطعم ،..) و يتطلب ظهور مثل هذه المشاريع المرنة وجود نظم إدارة للمجتمع الجديد المكون من مواهب متفاعلة فيما بينها.
مع مقتضيات و التحولات التي فرضتها أزمة كورونا ساهمت الاتجاهات الرقمية الجديدة مثل الحوسبة السحابية و خدمة الويب و الشبكات الذكية في إحداث تغيير جذري لمشهد إدارة المشاريع و الأعمال و أعادت تشكيل طبيعة العمل و حدود الشركات و مسؤوليات أصحاب المشاريع و تتجاوز هذه الاتجاهات عتبة الابتكار التكنولوجي و إنما هي بمثابة تحفيز لنماذج المشاريع الجديدة و الشبكات التجارية ، حيث أظهرت أرقام المبيعات أن المشاريع الصغيرة و المتوسطة في العديد من البلدان و التي انخرطت بنشاط رقمي مباشر مع العملاء على الأنترنت قد شهدت معدلات نمو في المبيعات تصل بما معدله 22% أعلى على مدى ثلاث سنوات من تلك المشاريع التي لم تنخرط في النشاطات الرقمية ، حيث أخفقت من الاستفادة الكاملة من التقنيات الرقمية كفرصة للتوسع و خلق فرص ربح جديدة.
فائزة الوناس حداد / خبيرة إدارة الأعمال و تطوير المشاريع